وحدة التقارير – حلم أخضر للدراسات البيئية

صنعاء، 8 آب/أغسطس 2024 (حلم أخضر) خلفَ المنخفض الجوي المصحوب بالعواصف الرعدية التي شهدتها مناطق سهل تهامة الغربي في اليمن، كوارث وأضراراً جسيمة للغاية؛ جراء الأمطار الغزيرة التي دامت لأيام، وأدت لسيول جارفة وانهيارات أرضية، نتج عنها مقتل واصابة عشرات الأشخاص، وأثرت على عشرات الالاف من السكان.

وكانت مناطق تهامة وتحديداً محافظتي الحديدة وحجة غرب البلاد، قد شهدت أمطاراً غزيرة ومستمرة منذ يوم الاثنين 5 آب/أغسطس الجاري وحتى مساء اليوم الخميس 8 آب/أغسطس، وأسفرت عنها فيضانات عارمة تسببت في مقتل أكثر من 30 شخصاً وإصابة العشرات، وفقدان 5 أشخاص آخرين من محافظة الحديدة، وفق ما ذكره محافظ الحديدة، محمد عياش قحيم.

كما أدت الفيضانات المفاجئة في مناطق تهامة، إلى نزوح أكثر من 500 أسرة جراء انهيار مساكنهم، في حين تضررت الألاف من الأسر الأخرى بأضرار جزئية لحقت بمنازلهم، وجرف أراضيهم الزراعية، وطمر بعض آبار المياه، وغرق المئات من الماشية (أغنام وأبقار) وتضرر عدد من الطرقات والبنى التحتية والخدمات.

السيول جرفت السيارات في الحديدة 7 اغسطس 2024/ تصوير عبداللطيف الزيلعي
قرية بني فايد في ميدي عقب الفيضان 7 اغسطس 2024/ تصوير محمد كديش

فيضانات كارثية على الحديدة وحجة

في مديرية ميدي الواقعة غرب محافظة حجة، داهمت الفيضانات العارمة قرية “بني فايد” بشكل غير مسبوق، وبحسب إفادة عدد من الأهالي: “لم تشهد القرية سيولاً وفيضانات كهذه منذ 25عاماً”.

وقال محمد كديش، الناشط الاجتماعي بمحافظة حجة، ”أدت السيول لتهدم عدد من المنازل الطينية، واقتلاع خيام النازحين، وتلف محاصيلهم الزراعية، وما تزال الامطار مستمرة منذ عصر أمس حتى الآن“.

كما تضررت في محافظة حجة، مناطق أفلح الشام، وأفلح اليمن، وعبس، وحيران، بشكل كبير، حيث جرفت الفيضانات عدد من المنازل، والأراضي الزراعية، وأدت إلى خسائر فادحة في الممتلكات.

وفي محافظة الحديدة، تركزت أكثر الأضرار في قرى مديريات: الدريهمي والتحيتا وبيت الفقيه وحيس والخوخة. حيث تسببت الفيضانات في تدمير عشرات المنازل، وتضرر الطرق، وانهيار منظومة التيار الكهربائي في عدد من المديريات، وانقطاع شبكة الاتصالات في عدد من القرى.

وكانت السلطات الحكومية، دعت فرق الطوارئ والإنقاذ، والمنظمات الدولية والمحلية إلى تقديم المساعدة العاجلة للمتضررين، وتوفير الإغاثة والمأوى للنازحين. وتنفيذ التدابير اللازمة لتصريف مياه السيول ومنع تفاقم الأضرار.

أسر غرقت اكواخها وتشرجت من الفيضان/ سوشل ميديا
خريطة مواقع البرق والصواعق الرعدية في اليمن خلال يومي 4 – 6 اغسطس 2024/ meteologix.com

ضحايا من الصواعق الرعدية

في السنوات الخمس الأخيرة، شكلت الصواعق الرعدية في اليمن خطراً حقيقياً على الأرواح، ووفقاً لتقرير الهلال الأحمر اليمني، تسببت الصواعق الرعدية العام الفائت 2023، في مقتل وإصابة أكثر من 150 شخصاً في مناطق متفرقة في البلاد.

وخلال الساعات الـ 48 الماضية التي شهدتها مناطق تهامة، تناقلت مصادر محلية وإغاثية أن حوالي 9 اشخاص على الأقل، لقوا حتفهم جراء الصواعق الرعدية والسيول في محافظات عدة شمال غربي اليمن.

وذكر مصدر محلي بمحافظة حجة، أن ”صاعقة رعدية شديدة ضربت مديرية عبس وتسببت بوفاة 5 أشخاص“. في حين تناقلت مصادر عسكرية على مواقع التواصل الاجتماعي أن ”السيول في جنوب الحديدة جرفت مساء الثلاثاء 6 آب/أغسطس، مركبة على متنها أربعة جنود، وعثر على جثثهم يوم أمس“.

من جانبه قال المركز الوطني للأرصاد المبكر، في بيان بثه يوم الأربعاء 7 آب/أغسطس، إن هطول الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف الرعدية على الشريط الساحلي الغربي لليمن، كان نتيجة للمنخفض الجوي “الهندي الموسمي”.

وحذر بيان الأرصاد من أن ”هطول الأمطار المصحوبة بالعواصف الرعدية على المرتفعات الجبلية والسواحل الغربية والهضاب الداخلية في البلاد ستظل مستمرة خلال الأيام القليلة القادمة“.

اسر نازحة تضررت من الفيضان في تهامة/ سوشل ميديا

أمطار موسمية أمام استعداد ضعيف للكوارث

سنوياً، يتعرض اليمن لحوادث المناخ والظواهر الجوية المتطرفة. وفي كل عام خلال أشهر الأمطار الموسمية (آذار/مارس – آب/أغسطس) تتضاعف المأساة الإنسانية التي تشهدها البلاد، في ظل ضعف عمليات الاستعداد والتأهب للكوارث من قبل الجهات الفاعلة الإنسانية، وانقسام السلطات الحكومية.

وإثر ذلك، تتفاقم حجم الكلفة الإنسانية، وتزداد أعداد النازحين اليمنيين نتيجة تهدم المساكن وسبل العيش من جهة. ومن جهة أخرى تحرك النزوح الثانوي للنازحين المتضررين من الفيضان، والذين يضطرون إلى الانتقال من مواقعهم لمناطق أخرى، جراء جرف السيول لخيامهم. مما يفرض المزيد من العبء على السلطات والمنظمات الإنسانية.

الكارثة التي تعرضت لها مناطق تهامة خلال الأيام الماضية، بما في ذلك مخيمات الايواء في مناطق الحديدة وحجة، كانت شديدة التأثير على المجتمعات المحلية ومجتمع النزوح. وقد بدت مربكة للسلطات المحلية والجهات الإنسانية الفاعلة، كونها جاءت في ظل ضعف الاستعدادات المبكرة، الامر الذي قد يزيد من تعقيد العمل الإنساني وعمليات الاستجابة.

إلى ذلك، تعاني البنية التحتية في مناطق تهامة الغربية ضعفاً شديداً، مما فاقم من تأثير الفيضانات على السكان المحليين، في ظل الفقر والهشاشة وضعف الخدمات الأساسية، فضلاً عن تداعيات الحرب والصراع والأزمة الإنسانية طيلة عشر سنوات.

سيول تغمر جولة الساعة وسط مدينة الحديدة – 7 اغسطس 2024

توصية حول إدارة مخاطر المناخ في اليمن

وفي ضوء ذلك، يدعو حلم أخضر للدراسات والاستشارات البيئية، الحكومة وسلطاتها المحلية إلى التنسيق الفعال مع الجهات الإنسانية الفاعلة، من أجل البدء الفوري بتحديد أولويات الاستجابة لإدارة الكوارث في المناطق المعرضة لكوارث الفيضانات، وتعزيز بناء القدرات الفنية والميدانية للمؤسسات الحكومية المعنية والسلطات المحلية، حول الاستعداد المبكر للفيضانات، والتصدي لمخاطرها داخل المجتمعات المحلية المتضررة.

كما يوصي حلم أخضر للدراسات البيئية، الحكومة بحشد الدعم والموارد لإنشاء مركز وطني موحد للطوارئ المناخية في اليمن، يتولى توفير الخطط والبيانات لطوارئ الكوارث المناخية.

بالإضافة لذلك، ينبغي على الحكومة اليمنية توجيه مؤسساتها المعنية والمختصة، بضرورة تبني نهج إدارة مخاطر المناخ وفق السيناريوهات المحتملة للبلاد للسنوات العشر القادمة، بما يسهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التصدي لتأثيرات التغيرات المناخية، وإدارة الكوارث بشكل فعال في جميع أنحاد البلاد.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *