30 مارس/أذار 2025 (عدن)

في اليمن، يُحوّل تغير المناخ بعض المناطق إلى أماكن غير صالحة للسكن. فعندما يُنزح الناس، تتغير حياتهم بين عشية وضحاها، وتنقلب رأساً على عقب. حيث يُجبرون على العيش في الخطوط الأمامية داخل مجتمعات ضعيفة، نتيجة تعرضهم بشكل غير متكافئ لمخاطر تغيرات المناخ. وبرغم أن مجتمعات الخطوط الامامية وأولهم النازحين (بما في ذلك والنساء، والأطفال، والمهمشين، وذوي الاحتياجات الخاصة) غالبًا ما تكون الأقل مساهمة في تفاقم تغير المناخ، إلا أنها الأكثر تضررًا من آثاره المستمرة.

خلال الفترة (2015-2023) ضربت اليمن ثمانية أعاصير وعواصف شديدة، مقارنةً بعاصفة استوائية واحدة فقط خلال سنوات الفترة التي سبقتها (2007-2014). وفي السنوات الأخيرة، تسبب تزايد وتيرة الكوارث الطبيعية -كالأعاصير والعواصف والفيضانات والانهيارات الأرضية- في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات؛ وتدمير الملاجئ والبنى التحتية المتضررة أصلاً من الصراع. وأدت كثافة التقلبات المناخية الشديدة إلى خلق أزمة داخل الازمة الكبرى بالبلاد. تمثلت في تضرر مخيمات إيواء النازحين المرتبطة بالصراع والعنف جراء العواصف والفيضانات. ونزوح مجتمعات سكانية جديدة بسبب تأثير التغيرات المناخية.

كل هذه العوامل، فاقمت الكلفة الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في البلاد، وتسببت بزيادة نقاط الضعف لدى مجتمعات الخطوط الامامية. وأسهمت في زعزعة الاستقرار وزيادة التوترات الاجتماعية وتدهور سبل العيش. مما زاد من تعقيد الأزمة الانسانية داخل المجتمعات المحلية المتأثرة بالصراع وتغيرات المناخ. ومن دون اتخاذ التدابير والعمل المناخي؛ فإن تأثير تغير المناخ على النازحين داخليًا في اليمن لن يقتصر على الوضع الراهن، بل سيمتد إلى الأجيال المتعاقبة داخل كل مجتمع محلي، مما يُديم دورات من الضعف والنزوح المناخي.

لقد أدى الصراع في اليمن لأكثر من عقد من الزمان إلى خلق واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية حدة في العالم، وواحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم حسب وصف وكالات الأمم المتحدة. فمنذ العام 2015، نزح حوالي 4.5 مليون فرد داخليًا، في حين أن قرابة 1.6 مليون نازح يعيشون في 2,284 موقعاً من مخيمات استضافة النازحين في البلاد، وفقاً لبيانات كتلة تنسيق المخيمات في اليمن للعام 2024.

ولمحاولة فهم النزوح وتغير المناخ المرتبطين بالموارد الطبيعية، سعت هذه الدراسة، إلى التعرف على أثر تغير المناخ على النازحين الداخليين في اليمن، والتحقق من العلاقة بين تغير المناخ والنزوح الداخلي. ومعرفة الأسباب والعوامل من وجهة نظر أصحاب المصلحة. وفهم التأثيرات المناخية المباشرة. والآثار التراكمية والمضاعفة لتغير المناخ على النازحين.

المنهجية:

تتناول هذه الدراسة تأثير تغير المناخ على النازحين داخليًا في اليمن عبر ستة فصول، مع التركيز على النازحين في مأرب وحجة والمهرة وسقطرى. ولفهم النزوح وتغير المناخ المرتبط بالموارد الطبيعية، هدفت هذه الدراسة إلى تحديد تأثير تغير المناخ على النازحين داخليًا في اليمن. كما سعت إلى فهم الأسباب والعوامل من وجهة نظر أصخاب المصلحة الرئيسين، بالإضافة إلى فهم التأثيرات المناخية المباشرة، والآثار التراكمية لتغير المناخ على مجتمعات النازحين داخليًا في المناطق المستهدفة.

أعتمد البحث على المنهج الوصفي والتحليلي، من خلال استخدام استبيان، كأداة رئيسية لجمع البيانات. إلى جانب إجراء عدد من المقابلات النوعية، ومجموعات النقاش المركزة. وتم توزيع الاستبانة على عينة عشوائية مفردة مكونة من 310 من النازحين في 26 موقعاً من مخيمات النزوح، داخل أربع محافظات: مأرب، وحجة والمهرة وسقطرى. وتم تلقي 245 استبانة صالحة ومكتملة. فضلاَ عن إجراء 20 من المقابلات النوعية، وعدد 5 جلسات نقاشية بمشاركة 73 مشاركاً (ذكور/إناث) من أصحاب المصلحة. وقد بلغ اجمالي المستجيبين مع كافة أدوات الدراسة (الاستبانة والمقابلات ومجموعات النقاش) 302 شخص. تم تحليل البيانات باستخدام برنامج الحزمة الإحصائية SPSS. وتم تفسير البيانات، والوصول لعدد من النتائج الهامة.

علاوة على ذلك، حددت الدراسة العديد من العوامل النظامية والهيكلية التي تُفاقم مخاطر المناخ على الفئات الضعيفة في المجتمعات التي شملها الاستطلاع. كما سلّطت الضوء على عدد من الثغرات في الاستجابة لحالات الطوارئ المناخية. ولمعالجة هذه القضايا، قدمت الدراسة توصيات لصانعي السياسات والجهات الفاعلة (المؤسسات الحكومية، والسلطات المحلية، والمنظمات غير الحكومية الدولية) والجهات المانحة، تسهم في إجراء إصلاحات مناخية، بما يعزز الحد من مخاطر الكوارث في البلاد.

المؤلفون: محمد الحكيمي، أماني محمد، ومها الصالحي.

الناشر: حلم أخضر للدراسات والاستشارات البيئية

لغة الاصدار: العربية ، English.

أُجريت هذه الدراسة بتمويل من وزارة الخارجية الاتحادية السويسرية (FDFA) من خلال سفارة سويسرا في عُمان واليمن.

الملفات المتاحة للتنزيل: الملخص التنفيذي (15 صفحة). نسخة الدراسة كاملة (115 صفحة) 

حلم أخضر للدراسات والاستشارات البيئية (HAESC):  مؤسسة استشارات وأبحاث بيئية، تسعى إلى إحداث تأثير إيجابي في السياسات البيئية والمناخية. وتعزيز الوعي والمعرفة بالمسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة، من خلال العمل مع كافة أصحاب المصلحة. وتكريس الفهم المشترك للتحديات البيئية والمناخية في اليمن.